الحلقة الثالثة

     هبطت طائرة سيسنا 172 العجوز الخاصة بنا في مطار جنوة بسلام لحسن الحظ.. مطار جنوة هو مطار مسفلت منذ زمن بعيد.. ويحوي طائرات خفيفة.. لكنها طائرات من نوع آخر لا أعرفه وتحمل عشر ركاب على الأقل.. وكان به نوع من كثرة الرواد.. ليس بحجم كثرة رواد المطارات العادية.. لكن يوجد فيه عدد من العائلات الذين يجرون أطفال يبكون ولا يريدون العودة لبيوتهم وإلى جحيم المدارس...
     مدينة جنوة مدينة لطيفة بحق.. إذ يوجد بها غطاء نباتي وأشجار معمرة ملفتة للنظر.. كما أنها لا تعاني من الازدحام.. فعدد سكانها لا يتجاوز الخمسين ألف نسمة بحال.. وجميع المطاعم التي فيها والفنادق لا تقدم الوجبات الأمريكية أو الأجنبية بشكل عام.. وإنما تقدم فقط الوجبات الشعبية التي تختص بها مدينة جنوة.. وعلى أية حال فلم أكن هنا لكي أغطي تلك المدينة الرائعة.. وإنما علي أن أبحث عن من يوصلني إلى قرية الرزا...
     دخلت إلى شركة تأجير سيارات مع سائقين.. وعلى مكتب الاستقبال كانت تجلس امرأة خمسينية نحيلة لا تحب التبرج فيما يبدو.. وكان أمامها حاسبة آلية من النوع المدمج فيه بكرة ورق وطابعة نقطية.. وبطبع كانت أصابعها تتقافز بسرعة جنونية فوق الأزرار والطابعة تطبع تلك الحسابات.. بينما عينيها المختبئتان خلف نظارة قراءة تتشبث بأسفل الأنف تنظر إلى مذكرة ذات هامش أحمر وقد امتلأت بالأرقام المكتوبة بلون بنفسجي غامق.. إنها تجرد فيما يبدو...
-:"أهلًا بك سيدتي.. أريد السفر إلى قرية الرزا بشكل سريع؟"
     توقفت عن الطباعة ونظرت إلي قليلًا من خلف نظاراتها ثم استدركت قائلة:
-:"150 ليرة يضاف لها بدل أعطال 300 ليرة في حال كانت تلك القرية الحمقاء لم يسفلتوا طريقهم الترابي بعد.."
     اضطررت أن أتصل بإدارة الصحيفة.. لأن الثلاث مئة ليرة مبلغ مبالغ فيه حتى ولو كان ذلك الطريق الترابي بطول 30 كيلو متر.. وقد سمحوا لي ان ادفع ذلك البدل على كل حال...

     هكذا أخذتني العجوز إلى سيارة سوداء ومراتبها حمراء وهي فخمة نوع ما.. ومعتنى بها.. لكنها منتجة قبل 25 سنة على الأقل.. وربما هذا جعلها أغلى اليوم.. ومهما يكن من أمر فقد ركبت في السيارة.. وأعطت العجوز السائق بعض التعليمات.. وهكذا قررت أن أنام في السيارة لأننا سوف نتجاوز الساعة الثانية عشرة ليلًا الآن.. وعلي أن أكون بكامل قواي الذهنية لمقابلة سكان القرية وكتابة التقارير عنهم وعن قريتهم...

تعليقات

  1. كم علي الانتظار ف أنا لا أطيق صبراً لمعرفة ماذا سيواجهه في القريه وماذا سيحل به وهل هي فعلاً سيئة بالحد الذي يتعجب الكل من زيارته لها وهناك الكثير الكثير من الاسئلة الذي اتمنى ان اجد لها اجابة في الحلقات القادمة .. وكما تعلم طرح الاسئلة من القارئ هذا يدل ان الكاتب لديه حس مشوق في سرد الاحداث فالاسلوب في سرد القصه اهم من القصة ذاتها لانه من الممكن ان يجعل من قصة بسيطه او حتى متكررة في قمة الروعه والعكس ��

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحلقة رقم1

الحلقة الرابعة