الحلقة الرابعة

     يستطيع الأذكياء منكم أن يحزروا أنني لم أنم في السيارة.. أو على الأقل لم أنم في السيارة عندما بدأنا الطريق الترابي الذي دفعت لأجله الجريدة 300 ليرة لشركة سيارات الأجرة بسبب الأعطال المحتملة.. عندما دخلنا هذا الطريق لم أستطع النوم.. إذ تحولت السيارة من سيارة فخمة ومريحة إلى غسالة ملابس وأخذت ترجني بعنف.. وهكذا انشغلت بتوازن نفسي عن النوم حتى وصلنا إلى القرية...
     كانت القرية غريبة المظهر نوع ما.. وكنت أعرف هذا قبل وصولي إلى القرية.. فعندما شاهدتها عبر الانترنت.. وجدت أنها عبارة عن نجمة خماسية.. يقع في قلب النجمة مسجد جامع.. بينما في اذرع تلك النجمة يوجد البيوت.. في كل ذراع هناك خمس بيوت وسط حقل مساحته فدان أو أكثر لا أعرف بالتحديد...
     بطبع كانت القرية خاوية على عروشها.. فالجميع نائم فيما يبدو.. ورغم أنني استطعت أن أميز من على البعد مرواح توليد الطاقة عبر الرياح.. إلا أنه من الواضح أنه لا يوجد استخدام كثير للكهرباء هنا.. فحتى الآن لا يوجد مصباح كهربائي واحد...
     حاولت الاتصال بالجريدة.. بالأحرى الاتصال بمدير الجريدة والذي بلا شك هو نائم الآن.. لكن لا توجد أي إشارة في هذه القرية النائية.. باختصار هاتفي الذكي تحول من هاتف ذكي إلى قطعة من الحديد لا قيمة لها تقريبًا...
-:"عفوًا ولكن هل يمكن لك أن تبقى معي حتى أجد من أكلمه في هذه القرية"
     نظر السائق إلى ساعة السيارة الفسفورية الرقمية:
-:"بطبع لا أستطيع لكن لك ربع ساعة فقط وبعدها سوف اضطر للرجوع وإذا أردت الرجوع معي فيجب ان تدفع ولن أخفض لك سوى 15% فقط"
     لأكن صريح معكم الرجل كان كريمًا معي فيما يبدو.. هكذا نزل معي ورحنا نتجول في القرية.. إنها ليست كبيرة كما قلت لكم.. فعدد بيوتها لا يتجاوز الخمسة والعشرين بيتًا.. وهي أكواخ كبيرة من الخشب موجودة في وسط حقل واسع.. ومدمج معها متجر ما.. لو كان الخواجة دوركايم موجود معنا لحدثنا عن فكرة تقسيم العمل وإنها لا توجد في الريف كما هو واضح.. فالجميع أهل سبع صنائع هنا...
     توقفت أمام أحد الحقول.. وكأي حقل هنا يوجد به بيت وملحق تجاري.. الملحق هذا كان يحمل لوحة كتب عليها أبو لقمان.. وفي الأسفل كتب (مطعم-ملحمة-قهوة-فندق) هذا ما اخبرتكم به من قبل عن أهل السبع صنائع أبو لقمان واحد منهم فيما يبدو.. لكن لدي سؤال للخواجة دوركايم.. أتحتاج قرية مثل هذه إلى لوحات إرشادية؟...

     هكذا أخذت حجارة من الطريق – الطرق هنا غير مسفلتة رغم انني وجدت الكثير من سيارات نصف النقل هنا – وبدأت اطرق على بيت أبو لقمان هذا.. كنت أطرق بوحشية في واقع الأمر.. لتوي أعرف لماذا [ابن السبيل] يعطى من الزكاة.. بالفعل الأمر مرعب جدًا خصوصًا عندما لا يكون معك نقود...
يتبع لا تنسون الردود

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحلقة رقم1

الحلقة الثالثة